languageFrançais

سيدي بوزيد: يوم جهوي حول العنف السيبراني والجريمة المستجدّة

نظمت اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025 المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد يوم جهوي حول العنف السيبراني والجريمة المستجدّة الموجهة للمرأة والطفل، بمشاركة ثلة من الإطارات الجهوية، المختصين في علم النفس وممثلي الهياكل الرسمية وعدد من الإعلاميين.

وجاء هذا اللقاء تجسيدا لجهود مشتركة بين المصالح المتدخلة في المجال التربوي والأمني والاجتماعي والقانوني بهدف وضع خطة عمل جهوية واضحة للتوقي من مظاهر العنف الرقمي المتنامية وتأثيراتها المتزايدة على الفئات الهشة وخاصة الأطفال والمراهقين والنساء.

التطور التكنولوجي والتحديات الجديدة

وفي كلمتها الإفتتاحية، أكدت بسمة غانمي المديرة الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد أن هذا اللقاء يندرج ضمن رؤية شاملة لترسيخ ثقافة تحصين المجتمع من المخاطر الجديدة المرتبطة بإستخدام وسائل الإتصال الحديثة قائلة إن: "التطور التكنولوجي وإن كان مكسبا، فإنه خلق تحديات جديدة تستوجب وعيا جماعيا وتنسيقا أوسع بين مختلف الهياكل حماية للمواطن والأسرة والمجتمع".

وتطرق العميد أنيس بوعافية رئيس الوحدة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل والوقاية الإجتماعية بالادارة العامة للحرس الوطني خلال مداخلته إلى جميع المجهودات التي تبذلها الوحدات المختصّة بالبحث في ذات المجال لظاهرة العنف السيبراني هذا العنف المستجدّ،  مرتكزا في ذلك على جملة من الإحصائيات التي من شأنها أن تنير العائلة التونسية التي بدورها تعد النواة الأولى في التصدي لهذه الجريمة من حيث إعتبارها منطلق بناء المقاربة التشاركية بين الوحدات الأمنية المختصة وجميع الهياكل المتدخلة في ذات الموضوع.

وذكر العميد بن عافية أن العنف السيبراني في تصاعد ملحوظ حيث سجلت 1302 قضية عنف رقمي مسلط على المرأة و275 قضية عنف إلكتروني مسلط على الطفل في فترة مابين غرة جانفي من سنة 2023 إلى غاية أكتوبر 2025.

لابد من مقاربة شاملة إجتماعية وتربوية وتشاركية

وقال بن عافية إنه على الرغم من إتخاذ الإجراءات و التدابير اللازمة في الكشف على الجناة فإن المقاربة الأمنية لا توفي بالغرض وبالتالي لابد من مقاربة شاملة إجتماعية وتربوية وتشاركية تقوم على تبادل المعطيات والإحصائيات والدراسات المتعلقة بجريمة العنف السيبراني

ودعا العميد بوعافية بالمناسبة، جميع الوزارات المتدخلة إلى مضاعفة الجهود وتكريس مبدأ التعاون لمزيد مجابهة هذا النوع من الجريمة سيما وأن العائلة التونسية مازالت تتحفظ في التبليغ على هذه الجرائم.

وطمأن بوعافية التونسيين أن وزارة الداخلية والادارة العامة للحرس الوطني تضع على ذمتهم الوحدات المختصّة في البحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل والوقاية الإجتماعية لمباشرة مثل هذا العنف مؤكدا على أن الأفراد المعنيون بالأمر مختصون في المجال وفي تعقب مرتكبي جرائم العنف الرقمي.

العنف من العالم الواقعي إلى العالم الإفتراضي

ومن جهتها، أكدت الأستاذة مها الحجلاوي المحامية لدى محكمة الإستئناف أن العنف انتقل من العالم الواقعي إلى العالم الإفتراضي سيما وأن تونس هي من أولى الدول التي استخدمت فيها الأنترنات، غير أن هذه الأخيرة ( الانترنات ) بدل من أن تكون وسيلة تستعملها المرأة وكذلك الأطفال للثقافة والتثقيف صارت وسيلة للتنمر ضد كل منهما مع الإبتزاز والهرسلة.

وأضافت الحجلاوي أن معضلة العنف السيبراني تكمن في صعوبة إثباته إذ لا تتوفر فيه أركان الجريمة بصفة مادية ( غياب مسرح وأدوات الجريمة ) فهو عنف إفتراضي حيث لا يترك المجرم أي إثر له خلال إرتكابه الجريمة وبذلك فإن الضحية وخاصة المرأة تصبح في مواجهة منظومة قانونية غير مهيأة للتعامل مع هذا النوع المستجد من الجرائم سواء بسبب غياب  نصوص واضحة تتعلق بذات الغرض أو النقص في الكفاءات القادرة على فهم الأبعاد التقنية والنفسية لهذا العنف الإلكتروني/ السيبراني/

و بينت الأستاذة الحجلاوي أن إمكانية تجاوز الفجوة بين النص والتطبيق تكمن- على حد تعبيرها -في ضرورة إتخاذ تدابير وقائية على غرار الحملات الموجهة لتوعية النساء من خطورة هذه الجرائم وكيفية توخي الحذر اللازم أثناء الولوج إلى هذا العالم الإفتراضي

ضرورة سن قوانين زجرية خاصة بالعنف السيبراني ضد المرأة

وشددت المحامية الحجلاوي على ضرورة سن قوانين زجرية خاصة بالعنف السيبراني ضد المرأة  في ظل تنامي وتطور هذا النوع من الجريمة وتنوعها مع إعتماد  بعض القوانين الخاصة بالعنف المادي المعلومة ، هذا إلى جانب ضرورة تدعيم الفرق الجهوية المختصة لا سيما بالجهات الداخلية للبلاد التونسية و العمل على إستمرارية الحملات التحسيسية والتوعوية المتعلقة بموضوع الجريمة الإلكترونية و إنتداب تقنيين و فنيين و خبراء في المجال.

هذا وأشار عدد آخر من المتدخلين ممن أثثوا الملتقى إلى مخاطر الجرائم السيبرانية على الصحة النفسية والسلوكية للأطفال والمراهقين، ومنها الابتزاز الإلكتروني والادمان الرقمي و العنف الرمزي وخطاب الكراهية والتحرش الافتراضي  مشددين على ضرورة التنشئة الرقمية الصحيحة وتكوين الأسر والمؤسسات التربوية في قواعد الرقمنة الآمنة والإستخدام المسؤول للإنترنات.

كما دعا المشاركون إلى وضع آليات عملية للتنسيق بين الهياكل الأمنية، العدلية والتربوية والاجتماعية، وإطلاق حملات توعوية لفائدة الأولياء والتلاميذ، إضافة إلى تطوير النصوص القانونية بما ينسجم مع التحديات الرقمية المتسارعة.

*محمد صالح غانمي